Snippet

اليتيم فى قلوبنا تقرير شامل بمناسبة عيد اليتيم







1- التعريف باليتم واليتيم ..
ما اليتم..؟ ومن هو اليتيم.؟
 







اليتم في اللغة؛ هو الانفراد. فمن فقدأباه في الناس فهو يتيم، ولا يقال لمن فقد أمه يتيم؛ بل منقطع. اما من فقد أباهوأمه معاً؛ فهو (لطيم). وهذا التدرج في وصف الانفراد الذي هو اليتم؛ من اجل دلائلالبلاغة في اللغة العربية؛
التي لا تجاريها فيها أي لغة أخرى. لأن لفظ (يتيم)؛ أخفوقعا على السمع من لفظ (منقطع)، لأنه يعبر عن حالة اخف من اخرى؛ كما ان (يتيمومنقطع) أخف من (لطيم)؛ فماذا يعني (الانقطاع واللطم) إذن..؟

الانقطاع هوالانقسام والانفصال والفرقة. ولاشك ان من فقد أمه؛ فإن بؤسه اشد من فقده لوالده؛ذلك ان دور الام؛ يفوق دور الأب في الحضانة والرعاية، وهذا يفسره قول الرسول صلىالله عليه وسلم:
(.. أمك ثم أمك ثم أمك؛ ثم أبوك).

أما (اللطم)؛ فهو ضرب الخدوالوجه حتى تتضح الحمرة، وفي هذا تعبير عن الحسرة واليأس وعمق الجراح، نتيجة فقدالأب والأم معا. وهذه حالة اعظم من اليتم بفقد الأب؛ والانقطاع بفقد الأم.

إنالولد لا يدعى يتيما بعد بلوغه ومقدرته على الاعتماد على نفسه، اما الجارية فهييتيمة حتى يبنى بها. قال تعالى: (وآتوا اليتامى أموالهم). هذا؛ إذا آنستم منهمرشدا. وقد تلازمهما التسمية بعد ذلك (مجازا)، فالرسول صلى الله عليه وسلم ظل يسمىيتيم أبي طالب، لأنه رباه.

وصورة اليتم في المجتمع؛ مكونة رئيسة في نسيجه العاممنذ ان خلق الله الخلق، لأن النوازل والفواجع تَكِرّ كر الليالي والأيام ولا تتوف،وما يخفف من قسوة الحالة وبشاعة الصورة؛ هو ذلك التكافل الاجتماعي التعاوني، الذيأرست قواعده الشريعة الاسلامية السمحة؛ فجاء تعزيز الأمر برعاية اليتامى وحفظحقوقهم المشروعة؛ وتربيتهم وتهيئتهم للحياة؛ في القرآن الكريم في (23) مرة بلفظ؛ (اليتم واليتيم واليتيمة والأيتام واليتامى).

في (23) آية قرآنية. وتكرر ذكر ذلك فيالحديث النبوي الشريف مرات كثيرة.
وما دام اليتم بهذه الصورة؛ ومكانته فيالمجتمع معروفة؛ فهذا المجتمع نفسه؛ يتحمل المسؤولية كاملة؛ بأن يتضامن ابناؤهويتعاضدوا فيما بينهم، افرادا وجماعات، حكاما او محكومين؛ على اتخاذ كافة المواقفالايجابية التي تكفل رعاية الأيتام، بدافع من شعور وجداني عميق، ينبع من أصلالعقيدة الاسلامية، ليعيش اليتيم في كفالة الجماعة،

وتعيش الجماعة بمؤازرة هذااليتيم؛ المنسجم معها في سيرها نحو تحقيق مجتمع افضل.
إن وسائل التكافلالاجتماعي كثيرة، على ان اهمها علي الاطلاق؛ هو الإنفاق في وجوه الخير، فالشريعةالاسلامية حثت على هذه الخيرية؛ وحذرت من الشح والبخل، وجعلت في أموال الموسرينوالأغنياء حقا معلوما للفقراء واليتامى والمساكين.
فالرسول صلى الله عليه وسلم؛حض على كفالة اليتيم، وأمر بوجوب رعايته، وبشر كفلاء اليتيم

؛ أنهم ان احسنوا الىاليتامى؛ سيكونون معه في الجنة. عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلىالله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا.. وأشار بالسبابة والوسطى، وفرقبينهما) رواه البخاري.
وروى الإمام احمد وابن حبان، عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه قال: (من وضع يده على رأس يتيم رحمة به؛ كتب الله له بكل شعرة مرت على يده حسنة).

ورعاية الأيتام واجبة في الأصل على ذوي الأرحام والاقارب، اما الدولة؛فإنها لا تلجأ الى الرعاية إلا عند الحاجة.
وقد درج المسلمون منذ عهودهم الاولى؛على افتتاح الدور لرعاية الأيتام، لتتولى المؤسسات الاسلامية العامة والخاصة؛ تربيةالأيتام ورعايتهم والإنفاق عليهم، ومساعدتهم على النمو الطبيعي، والحياة الإيجابيةفي المجتمع.



وفي بلادنا الحبيبة؛ امتثال لهذا الواجب الرباني، وتمثيل حي لما أمربه المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولما اخذ به الخلفاء والصحابة رضوان الله عليهماجمعين، وما سار عليه أتباعهم من بعدهم عبر مئات السنين، من كفالة اسرية اجتماعية (مؤسساتية) للأيتام؛ كانت وما زالت من علامات التحضر والتمدن في المجتمعاتالاسلامية. فيوجد دور كثيرة لرعاية الايتام في مناطق ومدن المملكة، تشرف عليهاالدولة، واخرى اهلية تقوم على خيرية المحسنين الموسرين، الذين اعطاهم الله وأغناهم؛ولكن جعل في اموالهم هذه؛ حقوقا متوجبة الأداء للسائلين والمحرومين والمقطوعينواليتامى.

وابناء المملكة على العموم؛ ضربوا اروع الامثلة في هذا المجال الخيري؛فهم في كل ميدان يقرب الى الله؛ لهم سهم نافذ؛ وقدح معلى، وحصتهم اكبر، فعموابفضلهم من هم في حاجة إليه، سواء في داخل المملكة أم خارجها.

يقولون في كمبوديا: بأن يتيم الأب أشبه بالبيت بلا سقف. ولكن مجتمعنا العربي المسلم والحمد لله؛ هوالسقف الذي يظلل الأيتام في بلادنا.


وشاعرنا المتنبي يقول في هذا:

وأحسن وجه فيالورى وجه محسن .. وأيمن كف فيهمُ كف منعم
 - فضل كافل اليتيم
أيها الأحبة

هل تريدوا أن تكونوا رفيقاء النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة؟

هل تريدوا أنتكسبوا مئات الحسنات بعمل يسير جدا؟


إذا أردت ذلك كله فكن لليتيم مكان والده ،أحسن إليه ، اقترب منه ، ابتسم له ، امسح رأسه ، طيب خاطره ، أدخل البسمة على روحها لظامئة.

الإحسان إلى اليتامى من أعظم البر:


لقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى اليتيم غي أكثر من آية من كتابه الكريم فقال الله عز وجل: ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناًوَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى) (النساء: من الآية36).

وقال عز وجل: ( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْتُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ) (البقرة: من الآية220).

وقد جعل الله تعالىالإحسان إلى اليتامى قربة من أعظم القربات ونوعا عظيما من البر، فقال(لَيْسَالْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّالْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِوَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَىوَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَالصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواوَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَالَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (البقرة:177) .

أمارسول الله صلى الله عليه وسلم فقد بلغ من عنايته باليتيم أن بشر كافليه بأنهمرفقاؤه في جنة عرضها السموات والأرض حين قال : " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا " وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا.وقد قال ابن بطال: حق على من سمع هذاالحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ، ولا منزلة أفضلمن ذلك.

كما بشر النبي من أحسن إلى اليتيم ولو بمسح رأسه ابتغاء وجه اللهبحسنات كثيرة حين قال: " من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرتعليها يده حسنات ، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنةكهاتين".

في الإحسان إلى اليتامى نجاة:

نعم فأهوال القيامة العظيمةوكرباتها الشديدة قد جعل الله لكافل اليتيم منها نجاة ومخرجا : (فَلا اقْتَحَمَالْعَقَبَةَ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ . فَكُّ رَقَبَةٍ .أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ . يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ) (البلد:11- 15) .

الحن على اليتامى يذهب قسوة القلب:

فقد شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فأوصاه أن يمسح رأس اليتيم.

ومدح النبي نساء قريشلرعايتهن اليتامى: " خير نساء ركبن الإبل نساء قريش ،أحناه على يتيم في صغره ،وأرعاه على زوج في ذات يده".

ولما مات جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه تعهدالرسول أولاده وأخذهم معه إلى بيته ، فلما ذكرت أمهم من يتمهم وحاجتهم ، قال: " العيلة ( يعني الفقر والحاجة) تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنياوالآخرة".

رعاية مال اليتيم:

أوصى الله تعالى بالإحسان إلى اليتيمالذي ترك له والده مالا برعاية هذا المال وتنميته وتثميره وعدم الاعتداء عليه بأيصورة من الصور ، فقال : (وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَأَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ) (الأنعام: من الآية152). وقال : ( وَلاتَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَأَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) (الإسراء:34).

ولا يمنع هذا ولي اليتيم إن كان فقيرا أن يأكل من مال اليتيمبالمعروف لقوله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَفَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاتَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاًفَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَادَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِحَسِيباً) (النساء:6).

المفهوم الصحيح للكفالة:

يظن كثير من الناس أنكفالة اليتيم تعني فقط النفقة عليه ، وهذا لا شك فهم قاصر بالرغم من عظم ثوابالنفقة في ذاتها إلا أن مفهوم الكفالة أوسع من ذلك ، وحتى لا نبتعد كثيرا ننقل هناكلاما قيما للعلامة ابن حجر رحمه الله عند كلامه على قول النبي أنا وكافل اليتيم فيالجنة،فيقول: قال شيخنا في "شرح الترمذي" : لعل الحكمة في كون كافل اليتيم يشبه فيدخول الجنة أو شبهت منزلته في الجنة بالقرب من النبي صلى الله عليه وسلم أو منزلةالنبي .. لكون النبي شأنه أن يبعث إلى قوم لا يعقلون أمر دينهم فيكون كافلا لهمومعلما و مرشدا ، وكذلك كافل اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل أمر دينه بل و لا دنياه , ويرشده و يعلمه و يحسن أدبه , فظهرت مناسبة ذلك .

فاليتيم المكفول يتأثرتأثرا مباشرا بكافله و بشخصيته ومما يأخذه منه .

وأخيرا: فإن كفالةاليتيم طريق إلى الجنة قصير ،

كما قال الله عز وجل: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَعَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً.إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِاللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً. إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَايَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً. فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِوَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً. وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةًوَحَرِيراً

2قصص وعبر وأحاديث وأدلة ....
3- قصة تملأ القلب نورا

قال أحد السلف: كنت في بداية أمري مكبا على المعاصي، وشرب الخمر، فظفرت يوما بصبي يتيم فقير، فأخذته وأحسنت إليه، وأطعمته، وكسوته، وأدخلته الحمام، وأزلت شعثه، وأكرمته كما يكرم الرجل ولده بل أكثر، فبت ليلة بعد ذلك، فرأيت في النوم أن القيامة قد قامت، ودُعيت إلى الحساب، وأُمر بي إلى النار لسوء ما كنت عليه من المعاصي، فسحبتني الزبانية ليمضوا بي إلى النار، وأنا بين أيديهم حقير ذليل يجرونني سحبا إلى النار، وإذا بذلك اليتيم قد أعترضني بالطريق وقال: خلوا عنه يا ملائكة ربي حتى أشفع له إلى ربي، فإنه قد أحسن إليّ وأكرمني، فقالت الملائكة: إنا لم نؤمر بذلك، وإذا النداء من قبل الله تعالى يقول: خلوا عنه فقد وهبت له ما كان منه بشفاعة اليتيم وإحسانه إليه. قال فاستيقظت وتبت إلى الله عز وجل، وبذلت جهدي في إيصال الرحمة إلى الأيتام.

فيا إخواننا، هيا بنا نبذل جهدنا لإيصال الرحمة إلى الأيتام، فلعل الله أن ينفعنا بدعواتهم وشفاعتهم لنا يوم القيامة.


فلنُسرع الخُطا إلى هذا الخير، ولسان حال كل واحد منا (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) -طه:84-.

4-يُتم النبي صلى الله عليه وسلم
            كان تشريفا لكل يتيم إلى قيام الساعة


لقد اعتنى الإسلام بحق اليتيم منذ اللحظة الأولى للرسالة، بل لقد كان صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم يتيما، فكان يُتمه تشريفا في حق كل يتيم إلى قيام الساعة، فلقد قال له الحق جل وعلا: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى) -الضحى:6-، أي ألم تكن يا محمد -صلى الله عليه وسلم- يتيما في صغرك فآواك الله إلى عمك أبي طالب، وضمك إليه؟، قال ابن كثير: وذلك أن أباه توفي وهو حملٌ في بطن أمه، ثم توفيت أمه وله من العمر ست سنين، ثم كان في كفالة جده عبد المطلب، إلى أن توفي وله من العمر ثمان سنين، فكفله عمه أبو طالب، ثم لم يزل يحوطه وينصره ويرفع من قدره، حتى ابتعثه الله على رأس الأربعين، ثم أوصاه الحق جل وعلا قائلا له: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ) -الضحى:9-، أي كما كنت يتيما فآواك الله، فلا تقهر اليتيم، أي لا تذله وتنهره وتُهنه، ولكن أحسِن إليه وتلطف به. قال قتادة: كن لليتيم كالأب الرحيم -تفسير ابن كثير:4/524-.


5- خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يُحسَن إليه

قال جل وعلا: (فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِي كَلاَّ بَلْ لاَ تُكْرِمُونَ الْيَتِمَ) -الفجر: 15-17-.

أي أن الله عز وجل يعطي المال لمن يحب، ولمن لا يحب، ويمنع المال أيضا عن هذا وذاك، ولكن المدار في ذلك على طاعة الله في كل من الحالين، إن كان غنيا بأن يشكر، وإن كان فقيرا بأن يصبر، (بَلْ لاَ تُكْرِمُونَ الْيَتِمَ): فيه أمر بإكرام اليتيم، ولذا قال أنس بن مالك رضي الله عنه: خير البيوت بيت فيه يتيم يُحسَن إليه، وشر البيوت بيت فيه يتيم يُساء إليه، وأحب عباد الله إلى الله تعالى من اصطنع صنعا إلى يتيم أو أرملة.

6- أخذ الله الميثاق على بني إسرائيل بأن يحسنوا على اليتامى،
ونحن أحق منهم بهذا الفضل


لقد أمر الله عز وجل بالإحسان على اليتيم، في كل زمان ومكان، بل وعلى مستوى كل الشعوب والأمم ...، بل لقد أخذ الله الميثاق على بني إسرائيل بالإحسان على اليتامى، فقال جل وعلا: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) -البقرة:83-.

ونحن والله أحق بأن نقوم ونعمل بهذا الميثاق الأخلاقي العظيم الذي وضع دستوره الخالق جل وعلا.



7- الإحسان إلى اليتيم مقترن بعبودية الله جل وعلا


وتأتي تلك الآية العظيمة التي تحض على الإحسان إلى اليتامى، بل وتقرن الإحسان بالعبودية لله جل وعلا ...، فيا له من تشريف ويا له من تكريم، قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) -النساء:36-.





8- لا يؤذي اليتيم إلا كل مكذب بالدين

قال تعالى:(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) أي هل عرفت الذي يكذب بالجزاء والحساب في الآخرة؟، هل عرفت من هو وما هي أوصافه؟، إذا أردت أن تعرفه (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) أي فذلك هو الذي يدفع اليتيم دفعا عنيفا بجفوة وغلطة ويقهره ويظلمه ولا يعطيه حقه (وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) -الماعون:1-3-.
9- نبيان يقيمان جدارا ليتيمين،
فأين من يتأسى بهما؟





في ظل تلك المرحلة المباركة التي صحب فيها نبي الله موسى عليه السلام الخضر عليه السلام، فكان من بين الأحداث التي ذُكرت أنهما قاما ببناء جدار ليتيمين في تلك المدينة، فلما سأله موسى عليه السلام عن سبب ذلك قال: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فيِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا) -الكهف:82-، فإن كان أنبياء الله قد فعلوا هذا الخير في حق اليتامى، فأين من يتأسى بهم في بناء جدران اليتامى التي لا تجد من يقيمها؟!.
10- من أراد أن يلين قلبه ويدركحاجته،
فليرحم اليتيم، وليمسح رأسه، وليطعمه من طعامه

روى أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه، فقال له صلى الله عليه وسلم: (أتحب أن يلين قلبك، وتدرك حاجتك؟، ارحماليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، يلن قلبك، وتدرك حاجتك) -رواه الطبراني عن أبي الدرداء-.

وفي رواية قال: (ادن اليتيم منك، وألطفه، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، فإن ذلك يلين قلبك، ويدرك حاجتك) -رواه ابن عساكر عن أبي الدرداء-.
فيا من تشعر بقسوة قلبك، ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، وادنه منك، وألطفه، فسوف يلين قلبك، وتدرك حاجتك بإذن الله جل وعلا.

11- يا داود كن لليتيم كالأب الرحيم
روى أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام: يا داود، كن لليتيم كالأب الرحيم، وكن للأرملة كالزوج الشفيق، واعلم أنه كما تزرع كذا تحصد.

وقال داود عليه السلام في مناجاته: إلهي ما جزاء من أسند اليتيم والأرملة ابتغاء وجهك؟!، قال: جزاؤه أن أُظله في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي.


12 - كافل اليتيم في الجنة مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم

قال صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا -وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما-) -أخرجه البخاري وأحمد عن سهل بن سعد-.

وفي رواية: (أنا وكافل اليتيم له أو لغيره في الجنة، والساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله) -رواه الطبراني عن عائشة ومسلم عن أبي هريرة-.

قال ابن حجر في الفتح: قال ابن بطال: حق على كل من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك ....






الباقي من ( كافل اليتيم مع محمد صلى الله علية وسلم في الجنة )

ثم استشهد الإمام ابن حجر بالحديث الذي رواه أبو يعلى عن أبي هريرة، وقال ابن حجر في الفتح وإسناده لا بأس له، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا أول من يفتح باب الجنة، فإذا امرأة تبادرني، فأقول من أنت؟، فتقول أنا امرأة تأيمت على أيتام لي)، فقوله تبادرني: أي لتدخل معي أو تدخل في أثري، ويحتمل أن يكون المراد مجموع الأمرين: سرعة الدخول، وعلو المنزلة.


فيا له من شرف عظيم ...!.


13- لا يُطعم اليتيم إلا المخلصون الذين يرثون الجنة


قال تعالى في حق المخلصين: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)، أي يطعمون الطعام ابتغاء وجه الله مع شهوتهم له وحاجتهم إليه (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا)، فكان الجزاء لمن أطعم اليتيم (فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) -الإنسان:8-12-.

فيا له من أجر عظيم ...!.


14- الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله

قال صلى الله عليه وسلم: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار) -متفق عليه عن أبي هريرة-، فالأرملة التي توفي عنها زوجها، وترك لها أولادا يتامى قد تجرعوا غصص اليُتم منذ نعومة أظفارهم، فهم أحوج ما يكون إلى يد حانية تمتد لتمسح جراحاتهم من على صفحات قلوبهم منكسرة، ومن هذا المنطلق، حث النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب القلوب الرحيمة على أن يتسابقوا من أجل هؤلاء اليتامى، ومن أجل تلك الأم التي انكسر فؤادها بموت زوجها ...، فمن سعى عليها وعلى أولادها، فهو كالمجاهد في سبيل الله، وكالذي يقوم الليل ليناجي ربه، وهو كذلك كالذي يصوم النهار ....

فأين أصحاب العقول؟!، وأين المشمرون للفوز بهذا الأجر العظيم، وتلك المكانة السامية ...؟!.

ورُوي أنه كان هناك رجل قد نزل في بلد من بلاد العجم، وله زوجة وله منها بنات، وكانوا في سعة ونعمة، فمات الزوج وأصاب المرأة وبناتها بعده الفقر والقلة.

فخرجت ببناتها إلى بلدة أخرى خوف شماتة الأعداء، واتفق خروجها في شدة البرد فلما دخلت ذلك البلد، أدخلت بناتها في بعض المساجد المهجورة، ومضت تحتال لهم في القوت، فمرت بجمعين، جمع على رجل مسلم وشيخ البلد، وجمع على رجل مجوس وهو ضامن البلد، فبدأت بالمسلم وشرحت حالها له، وقالت: أنا امرأة علوية، ومعي بنات أيتام أدخلتهم بعض المساجد المهجورة، وأريد الليلة قوتهم، فقال لها: أقيمي عندي البينة أنك علوية شريفة، فقالت: أنا امرأة غريبة ما في البلد من يعرفني!، فمضت من عنده منكسرة القلب.

فجاءت إلى ذلك الرجل المجوسي، فشرحت له حالها، وأخبرته أن معها بنات أيتاما، وهي امرأة شريفة غريبة، وقصت عليه ما جرى لها مع الشيخ المسلم، فقام وأرسل بعض نسائه، وأتوا بها وبناتها إلى داره، فأطعمهن أطيب الطعام، وألبسهن أفخر اللباس، وباتوا عنده في نعمة وكرامة.

فلما انتصف الليل رأى ذلك الشيخ المسلم في منامه كأن القيامة قد قامت، وقد عُقد اللواء على رأس النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا القصر من الزمرد الأخضر ...، شُرفاته من اللؤلؤ والياقوت، وفيه قباب اللؤلؤ والمرجان، فقال: يا رسول الله، لمن هذا القصر؟!، قال: لرجل مسلم موحد، فقال: يا رسول الله أنا رجل مسلم موحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما قصدتك المرأة العلوية قلت أقيمي عندي البينة أنك علوية، فكذا أنت أقم عندي البينة أنك مسلم.

فانتبه الرجل حزينا على رده المرأة خائبة، ثم جعل يطوف بالبلد، ويسأل عنها حتى دُل عليها أنها عند المجوسي، فأرسل إليه، فأتاه فقال له: أريد منك المرأة الشريفة العلوية وبناتها، فقال: ما إلى هذا من سبيل وقد لحقني من بركاتهم ما لحقني، قال: خذ مني ألف دينار وسلمهن إلي، فقال: لا أفعل، فقال: لا بد منهن، فقال له: إن الذي تريده أنت أنا أحق به، والقصر الذي رأيته في منامك خُلق لي، أتدل علي بالإسلام، فوالله ما نمت البارحة أنا وأهل داري حتى أسلمنا كلنا على يد العلوية، ورأيت مثل الذي رأيت في منامك، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: العلوية وبناتها عندك؟، قلت: نعم يا رسول الله، قال: القصر لك ولأهل دارك، وأنت وأهل دارك من أهل الجنة، خلقك الله مؤمنا في الأزل.

فانصرف المسلم وبه من الحزن والكآبة ما لا يعلمه إلا الله.

فانظر رحمك الله إلى بركة الإحسان إلى الأرملة والأيتام، ما أعقب صاحبه من الكرامة في الدنيا -الكبائر للإمام الذهبي، تحقيق د.أسامة عبد العظيم:121-122-.





15- يا من تأكلون أموال اليتامى ظلما
إنما تأكلون في بطونكم نارا!





لقد رغّب الحق جل وعلا في الإحسان إلى اليتيم، وألطف عليه، وحذر تحذيرا شديدا من أكل أموال اليتامى، فقال جل وعلا: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا)، قال ابن كثير رحمه الله: كما تحب أن تُعامَل ذريتك من بعدك، فعامل الناس في ذرياتهم إذا وليتهم، ثم قال جل وعلا بعد تلك الوصية العظيمة: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فيِ بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) -النساء:9-10-، فيا له من وعيد شديد ...!.

بل لقد جاء الترهيب أيضا من أكل أموال اليتامى على لسان الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (اجتنبوا السبع الموبقات -وذكر منها- أكل مال اليتيم) -متفق عليه عن أبي هريرة-.

قال ابن كثير: قال ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال: (قلنا يا رسول الله، ما رأيت ليلة أسري بك؟، قال: انطلق بي إلى خلق من خلق الله كثير، رجال كل رجل منهم له مشفر كمشفر البعير، وهو موكل بهم رجال يفكون لحاء أحدهم، ثم يُجاء بصخرة من نار فتقذف في فيّ أحدهم حتى يخرج من أسفله، لهم جؤار وصراخ، قلت يا جبريل من هؤلاء؟، قال هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما، إنما يأكلون في بطونهم نارا، وسيصلون سعيرا).

وقال السدي: يُبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه وأنفه وعينيه، يعرفه كل من رآه بآكل مال اليتيم.

وعن أبي برزة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يُبعث يوم القيامة القوم من قبورهم، تأجج أفواههم نارا، قيل يا رسول الله من هم؟، قال ألم تر أن الله قال (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا)) -رواه ابن أبي حاتم-.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أُحرّج مال الضعيفين المرأة واليتيم)، أي أوصيكم باجتناب مالهما.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لما نزلت (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا)، انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه، فجعل يفضل الشيء فيحسن له حتى يأكله أو يفسد، فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم) -تفسير ابن كثير:1/432-.

بل تأمل لهذا الوعد الشديد، فقد قال الله عز وجل: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) -النساء:6-.

فوالله إنها لكلمة تتصدع منها الجبال، وتتفطر لها القلوب الحية المؤمنة ...، أي وكفى بالله محاسبا وشاهدا ورقيبا على الأولياء في حال نظرهم للأيتام، وتسليمهم الأموال، هل هي كاملة موفرة أو منقوصة مبخوسة، مروج حسابها ومدلسا أموالها؟، الله تعالى عالم بذلك كله. -تفسير ابن كثير:1/43-.

فيا له من وعيد ...!، فإن الذي يراقبك وسيحاسبك هو الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ولذا قال صلى الله عليه وسلم موصيا أبا ذر رضي الله عنه: (يا أبا ذر إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تتأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم) -أخرجه مسلم وأبو داود عن أبي ذر-، وذلك لعظم تلك الأمانة وعظم السؤال عنها يوم القيامة.

ولكن لنا وقفة مع القائم على أموال اليتامى ليصلحها، وينميها، فإن الله جل وعلا قال مخاطبا له: (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ)، فله أن يأكل من هذا المال على قدر حاجته غير مسرف، ولا مبذر، ولذا فقد روى أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا له: ليس لي مال ولي يتيم؟، فقال: (كلْ من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر ولا متأثل مالا ولا تقِ مالك بماله) -رواه الترمذي والنسائي عن ابن عمرو-.

فيا من تأكلون أموال اليتامى، توبوا إلى الله جل وعلا قبل أن تقفوا بين يديه في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ...!.

ويا من تقوم بالوصاية على أموال اليتامى، اعلم أنك مؤتمن على تلك الأمانة العظيمة، فلا تفرط في هذا المال ولا تضعه إلا فيما يصلح أحوال اليتامى، وينمي أموالهم، واعلم بأن الدنيا لا تدوم ...!، (يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاَقِيهِ) -الانشقاق:6-.

واعلم بأن أبناءك قد يحرموا منك، آجلا أو عاجلا، ويصبحوا يتامى!، فهل ترضى لهم بكل ما تصنعه مع هؤلاء الأيتام؟!.

فيا أخي الحبيب، أعلنها توبة لله جل وعلا، وردّ الحقوق إلى أهلها قبل أن يكون يوما لا درهم فيه ولا دينار، وإنما يكون التعامل بالحسنات والسيئات، فيأتيك اليتيم يشكوك إلى الله ويقول يا رب هذا ظلمني وأخذ حقي، ويأتيك آخر ويقول هذا ضربني، ويأتيك ثالث ...، فتنظر يا مسكين إلى حسناتك وهي تذهب يمنة ويسرى، حتى لا تجد حسنة واحدة، فإياك يا أخي من الظلم، فإن دعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويقول وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ...، فما بالك إن كانت الدعوة من يتيم؟!.

واعلم بأن إخلاص النية لله تعينك على كل خير، فما عليك إلا أن تخلص النية لله في أن تبدأ صفحة جديدة لتكون عونا لليتامى، فتأخذ بأيديهم إلى بر الأمان لتكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ويا له من فوز عظيم ...!.

فهيا إلى شاطئ الطاعة، ودعك من بحر الذنوب.





16- اليتيم يأخذ بيدك إلى الجنة

أيها الأخ الحبيب ...، أيتها الأخت الفاضلة:


تعرفوا على اليتامى، واذهبوا إليهم، وقدموا لهم الطعام والشراب والكساء، فإن اليتامى لهم دولة يوم القيامة. فإن كان اليتيم مؤمنا ومن أهل الجنة، فإن الله جل وعلا عندما يأمر الملائكة بأن يأخذوه إلى الجنة، يقول لليتيم: اذهب فانظر في أرض المحشر، فمن أطعمك فيّ طعمة، أو كساك فيّ كسوة، أو سقاك فيّ شربة ماء، فخذ بيديه وأدخله الجنة!.

فيا لها من لحظة عندما تكون في كُرب يوم القيامة، في ذلك اليوم الذي يبلغ طوله خمسين ألف سنة ...!، والناس حُفاة عُراة غُرلاً، والشمس قد دنت فوق الرؤوس، والناس وقوف بلا طعام ولا شراب ولا ظل، وقد خاض أحدهم في عرقه حتى ألجمه إلجاما ...!، وجيء بجهنم لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك، يجرونها فتزفر زفرة تكاد تتفلت منهم، فلا يبقى ملك مقرب، ولا نبي مرسل، إلا جث على ركبتيه وقال: يا رب سلّم ... سلّم ...!.

فبينما أنت في هذا الكرب، وفي تلك الشدة التي وصفها الله تعالى بقوله: (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) -الحج:2-، وبقوله: (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا) -المزمل:17-.

تجد يتيما كنت قد قدمت له الطعام والشراب في الدنيا، فيأتيك ويقول لك ألست أنت الذي قدمت لي الطعام والشراب في يوم كذا وكذا؟!، فتقول نعم، فيأخذ بيديك، ويقول لك، فإن الله أمرني أن آخذ بيديك إلى جنته ومستقر رحمته.
فيا له من موقف يعجز المرء عن وصفه ...!.

إنها الفرحة التي لا تدانيها الدنيا بكل ما فيها من زخرف ومتاع. فلو أنك تملك الدنيا بأسرها، لافتديت بها من هول يوم المحشر.

فها أنت الآن قد أنعم الله عليك بالمال، فارحم يتامى المسلمين، فكن عونا لهم في الدنيا، يكن الله في عونك في الدنيا والآخرة ...!.



اول ابريل يوم وعيد اليتيم بس يارترى احنا هنستنى اول ابريل علشان يكون فيه احسان لليتيم اسلامنا من اجمل مبادءه الاحسان لليتامى



الايتام ليسوا بحاجة لأن نوزع عليهم الهدايا ونغمرهم بالحنان فى يوم من
 السنة

وننساهم بقية العام ولكنهم بحاجة إلى هذا الحنان فى كل وقت من العام


كلمة اليتيم

عن ابن عمر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال:


(إن اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن، فيقول اللّه تعالى لملائكته:


يا ملائكتي، من ذا الذي أبكى هذا اليتيم الذي غيبت أباه في التراب،

فتقول الملائكة ربنا أنت أعلم، فيقول اللّه تعالى لملائكته: يا ملائكتي،
اشهدوا أن من أسكته وأرضاه؟ أنا أرضيه يوم القيامة




ياريت كل واحد منا يقول كلمة فى يوم اليتيم
                                                

ضع تعليق