Snippet

حسن الظن بالله



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:

فإن حسن الظن بالله عمل قلبي عظيم المنزلة والأثر في الدين وله عاقبة حسنة. والعبد مفتقر إليه في سيره لربه ومكابدته لأمور معاشه وتعامله مع صنوف الخلق. قال الله تعالى: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين). قال سفيان الثوري: (أي أحسنوا بالله تعالى الظن). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرا فله وإن ظن شرا فله). رواه أحمد. وكان سعيد بن جبير يقول : (اللهم إني أسألك صدق التوكل عليك وحسن الظن بك). ويروى في مسند البزار: (إن أفضل العبادة انتظار الفرج). 

وحسن الظن بالله حقيقته أن يظن العبد بالله خيرا ورحمة وإحسانا في معاملته ومكافئته ومجازاته أحسن الجزاء في الدنيا والآخرة وهذا يتحقق في مقامات:

الأول: إذا دعا ربه أن يقبل ربه دعائه. كما جاء في الحديث: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة). رواه الترمذي.

الثاني: إذا تقرب إلى الله بعمل صالح أن يتقبل الله عمله ويرفعه. قال تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ).

الثالث: أن يقبل توبته إذا أذنب وتاب فأناب. وقد تضافرت النصوص بهذه الحقيقة. قال تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).

الرابع: أن يوقن بوعد الله ونعيمه الذي أعده الله لعباده الصالحين المستقيمين على طاعته وشرعه. وقد تواترت النصوص بذلك. قال تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ).

الخامس: أن يوقن بحسن لقاء الله وستره وتجاوزه عنه وهو في سياق موته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله). رواه مسلم. وقال ابن عباس: (إذا رأيتم الرجل قد نزل به الموت فبشروه حتى يلقى ربه وهو حسن الظن بالله تعالى وإن كان حيا فخوفوه بربه واذكروا له شدة عقابه).

السادس: عند نزول البلاء وضيق الحال. قال بعض السلف: (استعمل في كل بلية تطرقك حسن الظن بالله عز وجل في كشفها فإن ذلك أقرب بك إلى الفرج).

وحسن الظن يكون صحيحا مقبولا من المؤمن إذا كان العبد منيبا إلى الله مقبلا على طاعته محسنا في عمله أما إذا كان العبد مسيئا في عمله متجاوزا لحدود الله في سائر حاله فهذا سيء الظن بالله وإن تظاهر بحسن الظن لأن حسن الظن يحمل على حسن العمل وسوء الظن يحمل على سوء العمل. قال الحسن البصري: (إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل وأن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل). ولهذا جاء في الخبر: (حسن الظن من حسن العبادة). رواه أحمد. وقال الخطابي: (إنما يحسن بالله الظن من حسن عمله فكأنه قال أحسنوا أعمالكم يحسن ظنكم بالله فإن من ساء عمله ساء ظنه. وقد يكون أيضا حسن الظن بالله من ناحية الرجاء وتأميل العفو والله جواد كريم لا آخذنا الله بسوء أفعالنا ولا وكلنا إلى حسن أعمالنا برحمته).

وأما الفاجر الذي يغشى الكبائر واستوحش قلبه بالظلمات ولم يتب فقد أساء الظن بريه وهرب من إحسان الله وعمل بأسباب مقته وعذابه في الآخرة فإن عوتب في حاله فتحجج برحمة الله وإحسانه فهو كاذب في دعواه ولا يسمى عمله حسن ظن بل غرور لأنه طلب الإحسان بالتمني وعمله يكذب قوله وظنه. 

وكذلك الكافر قد أساء الظن بربه وأفعاله وصفاته فعطل الله عن جماله وجلاله وألحد في أسمائه وصفاته وأشرك معه غيره من المخلوقين وادعى له الولد وجعل الملائكة بنات الله وكذب بنعيمه وعذابه في اليوم الآخر وجحد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وادعى أنه لم يبعث أو بعث للعرب خاصة وظن به غير ذلك من مساوئ الظنون. كما قال تعالى: (وَذَلِكُمُ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُم أَردَاكُم فَأَصبَحتُم مِنَ الخَاسِرِينَ). وقال تعالى فيهم: (أئِفكاً ءَالِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ العَالَمِينَ).

وأما المنافق المستتر بنفاقه فيظن أن الغلبة للكفر وأهله والخسارة ودائرة السوء لحزب الإيمان وأن الباطل منتصر على الحق فيظن بالله ظن السوء وقد عاب الله على المنافقين وذمهم حين تركوا محمدا صلى الله عليه وسلم وصحبه في غزوة أحد بقوله: (وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ). وقال تعالى فيهم: (الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ. وكل منتسب لأمة محمد يظن أن الغلبة للكفار في هذا الزمان ويظن أن المؤمنين خاسرون مغلوبون في سائر الأوقات والأحوال ولو عملوا بأسباب النصر أو يظن أن هذا الدين لن تقوم له قائمة فقد أساء الظن بربه وشابه المنافقين في اعتقادهم وبات قلبه على شعبة من شعب النفاق.

ومن سوء الظن بالله أن ييأس العبد ويقنط من رحمة الله ويغلب عذاب الله. ومن سوء الظن أن يعتقد بأن الله يخلف وعده في إثابة المطيع وقبول عمله.ومن سوء الظن أن يعتقد أن ربه يعامل الصالحين معاملة المسيئين فلا يعدل مع العباد. ومن سوء ظنه بريه أنه لا يقبل من دعاه وأناب إليه ولاذ ببابه وارتجى كرمه وستره. فكل ذلك من سوء الظن الذي ينزه عنه الله جل جلاله وتباركت ذاته وتقدست أسماؤه وصفاته. وبالجملة فكل ظن سيء لا يجوز لقلب المؤمن أن يعتقده وأن يستقر فيه بحال من الأحوال.

ومن سوء الظن بالله أن يدع الداعي ربه كثيرا فلا يجاب له فيسيء الظن بربه وينقطع عن الدعاء ولو علم أن الله ربما منع عنه شرا في الدنيا أو ادخر له خيرا في الآخرة بدعائه لما تعجل في الظن. ففي مسند أحمد من حديث أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل). قالوا: يا نبي الله وكيف يستعجل قال: (يقول: قد دعوت ربي فلم يستجب لي). ومن سوء الظن بحكمة الله أن يعمل الرجل بالتقوى واتباع الشرع فيبتلى ويمنع من الدنيا ويرى أهل المعصية قد بسط لهم في الرزق وعجلت لهم طيباتهم فيسيء الظن بربه ويترك العمل الصالح ويطيع الشيطان ولو علم أن الله قضى عليه ذلك لحكمة وأنه لا تلازم بين التقوى وبسط الرزق وأن الله اختار لنبيه الفقر وأن عطاء الله في الآخرة أعظم لما أساء الظن بربه. ومن سوء الظن بقدر الله المنتشر في الناس أن يقول العبد إذا أصابته ضراء يارب حرام تصيبني بذلك أو أنا ماذا عملت أنا لا أستحق هذا البلاء ونحو ذلك من عبارات التسخط والاعتراض على القدر والعياذ بالله ولو علم هذا المسكين سر القدر في الخلق لما اعترض عليه.

ويجب على المؤمن أن يفتش في قلبه عن سوء الظن بالله بجميع شعبه وصوره وأن يتخلص منه إن وجده ويعالج قلبه بدواء الإيمان ويملأ قلبه بحسن الظن بالله والرجاء واليقين والتوكل لأن كثيرا من الخلق مبتلى بسوء الظن بالله بصورة خفية كامنة تظهر وتقدح في فلتات اللسان وعمل الجوارح عند المحن والمضايق ونزول البلاء. 

والتفاؤل بالأسماء والأحوال الحسنة من حسن الظن بالله والتشاؤم بالأسماء والأحوال السيئة من سوء الظن بالله ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل). متفق عليه.

ومن كان له صبيان صغار وليس له دنيا تكفيهم فلا يخف من المستقبل وليحسن الظن بربه ويوقن أن الله سيكفيهم رزقهم ويتكفل تربيتهم ويصونهم من الشرور إذا أصلح قصده وعمله وتعاهدهم بالدعاء فصلاح الوالد يعود على الولد بالصلاح والبركة واليمن كما جاء في قصة الولدين الذين ترك لهم أبوهم كنزا فتولاهما الله وحرسهما. قال تعالى: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ). قال الحسن البصري في بيان الكنز: (لوح من ذهب مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن وعجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح وعجبت لمن يعرف الدنيا ومقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها لا إله إلا الله محمد رسول الله). وقال ابن كثير: (فيه دليل على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة بشفاعته فيهم ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة لتقر عينه بهم كما جاء في القرآن ووردت به السنة). فلا ينبغي لك أيها المؤمن التأثر بطريقة أهل العصر الماديين الذين يبالغون في الخوف على مستقبل أولادهم و ينتابهم القلق والوساوس ويؤمنون على حياتهم ويتلاعب بهم الشيطان بل توكل على ربك واطمأن ونم قرير العين.

ومن حسن الظن أن ينفق المسلم ماله في سبيل الله ولا يخش القلة والفقر بل يوقن أن الله سيخلف عليه خيرا وينمي ماله ويبارك فيه فإذا كان العبد محسنا الظن بربه لم يخف الإقلال لأن الله تعالى يقول: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ). وفي صحيح البخاري: أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال: (قال الله عز وجل ‏ ‏أنفق أنفق عليك وقال يد الله ملأى لا ‏ ‏تغيضها ‏ ‏نفقة سحاء الليل والنهار وقال أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فإنه لم ‏ ‏يغض ‏ ‏ما في يده وكان عرشه على الماء وبيده الميزان يخفض ويرفع). ومن خشي الإقلال فقد أساء الظن بربه.‏

ومن أعظم ما يعين المؤمن على حسن الظن بربه معرفته بواسع رحمة الله وكرمه وجوده وعظيم إحسانه بالخلق مهما أذنبوا وقصروا في طاعته كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي). رواه الترمذي. ومما يعين أيضا النظر في قصص الفرج بعد الشدة ومعية الله ومعونته ونصرته وتوليه لأهل الحسن بالظن بالله. وقد وقع للسلف الصالح في هذا الباب قصص مدهشة فيها عبرة وعظة لمن كان قلبه حاضر ويقينه شاهد ورجاؤه متحقق.

والواجب على المؤمن أن يحسن الظن بأخيه المؤمن ويحمل أقواله وأفعاله على أحسن المحامل ما استطاع إلى ذلك سبيلا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث). رواه مسلم. فلا يظن فيه إلا خيرا إن ظهر منه تقصير أو تفريط بحقه ولا يظن به سوءا وهذا محله إذا كان أخوه ظاهر حاله السلامة والخير. قال جعفر بن محمد: (ذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره فالتمس له عذرا واحدا إلى سبعين عذرا فإن أصبته وإلا قل لعل له عذرا لا أعرفه). أما إذا كان ظاهر حاله الفسق والمجاهرة بالفواحش والتخلف عن الفرائض ومصاحبة الأشرار أو إظهار البدع فالمشروع في حقه سوء الظن وأخذ الحذر منه ولا يليق أن يظن به خيرا لأنه ليس أهلا لذلك. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم عن رجلين من المنافقين: (ما أظن أن هذين يعرفان من ديننا شيئا). رواه البخاري. وقال ابن هبيرة الوزير: (لا يحل والله أن يحسن الظن بمن ترفض ولا بمن يخالف الشرع في حال).

فينبغي للمؤمن أن يكون حسن الظن بالله عظيم الرجاء به موقنا بحسن جزائه وعطائه وإحسانه وموافاته بالآخرة يسوقه حسن ظنه إلى حسن عمله والاستكثار من العمل بأسباب الرحمة والإحسان والبعد عن معصيته وأسباب مقته وليكن وثوقه بحسن ظنه أعظم من الوثوق بحسن عمله لأنه سيقدم على رب كريم رحيم ودود بعباده واسع العطاء عظيم الصفح والتجاوز رحمته سبقت عذابه ورضاه سبق سخطه. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (والله الذي لا إله غيره ما أعطي عبد مؤمن شيئا خير من حسن الظن بالله ولا يحسن عبد الظن بالله عز وجل إلا أعطاه الله ظنه). وقال سفيان الثوري يقول : (ما أحب أن حسابي علي والدي أحب أن حسابي علي ربي فإن الله أرحم بي من أبي).

قصة واقعية قصيرة عن حسن الظن بالله




روي انه كان هناك احد الصحابه اسمه عبدالله ابن المبارك كان يحج سنه ويجاهد في سبيل الله سنه اخرى في السنه التي حج بها خرج وودع اهله وذهب ليحج وفي طريقه رأى امرأه تخرج من التراب دجاجه ميته فوقف عندها فقال لها ما بالك يا أمة الله قالت له امضي ياعبدالله دع الخلق للخالق فلله في خلقه شوون قال والله لن ابرح مكاني حتى تقولي لي عن حالك فقالت وما انك قد حلفت فأني امرأه لاربع ابناء مات ابوهم وهم صغار فطرقت الابواب فلم اجد وراء الابواب رحمه فاضطررنا من اكل الميته
فأخرج لها العشره ألاف التي سوف يحج بها فاعطاها لها فقال يا رب اني لن احج هذه السنه وعاد إلى بيته فنام وخرج له في المنام رجل ابيض يتلألأ النور من جبينه فقال له السلام عليك يا عبد الله الم تعرفني يا عبدالله انا محمد رسول الله حبيبك في الدنيا وشفيعك في الاخره انقذك الله من كل شده كما انقذت بناتي من هذا الكرب اتعلم يا عبدالله لقد كتب الله للذين حجو ثواب حجه وكتب لك ثواب سبعين حجه

قصة واقعية اخرى عن حسن الظن بالله


قصة قصها الدكتور الخبير خالد الجبير

استشاري جراحة القلب والشرايين في محاضرته : أسباب ٌٌ منسية


يقول الدكتور : 

في أحد الأيام أجريت عملية جراحية لطفل عمره سنتان ونصف 
وكان ذلك اليوم هو يوم الثلاثاء ، و في يوم الأربعاء كان الطفل 
في حيوية وعافية 
يوم الخميس الساعة 11:15ولا أنسى هذا الوقت للصدمة التي وقعت 
إذ بأحدى الممرضات تخبرني بأن قلب و تنفس الطفل قد توقفا عن العمل
فذهبت إلى الطفل مسرعا ً وقمت بعملية تدليك للقلب استمرت 45 دقيقة 
وطول هذه الفترة لم يكن قلبه يعمل 
وبعدها كتب الله لهذا القلب أن يعمل فحمدنا الله تعالى
ثم ذهبت لأخبر أهله بحالته 
وكما تعلمون كم هو صعب أن تخبر أهل المريض بحالته إذا كانت سيئة 
وهذا من أصعب ما يتعرض له الطبيب ولكنه ضروري 
فسألت عن والد الطفل فلم أجده لكني وجدت أمه 
فقلت لها إن سبب توقف قلب ولدك عن العمل هو نتيجة نزيف في الحنجرة 
ولا ندري ما هو سببه و أتوقع أن دماغه قد مات 
فماذا تتوقعون أنها قالت ؟ 
هل صرخت ؟ هل صاحت ؟ هل قالت أنت السبب ؟
لم تقل شيئا من هذا كله بل قالت الحمد لله ثم تركتني وذهبت

بعد 10 أيام بدأ الطفل في التحرك فحمدنا الله تعالى
واستبشرنا خيرا ًبأن حالة الدماغ معقولة
بعد 12يوم يتوقف قلبه مرة أخرى بسبب هذا النزيف
فأخذنا في تدليكه لمدة 45 دقيقة ولم يتحرك قلبه 
قلت لأمه : هذه المرة لا أمل على ما أعتقد 
فقالت : الحمد لله اللهم إن كان في شفائه خيرا ً فاشفه يا رب 
و بحمد الله عاد القلب للعمل ولكن تكرر توقف قلب هذا الطفل بعد ذلك 
6 مرات إلى أن تمكن أخصائي القصبة الهوائية بأمر الله 
أن يوقف النزيف و يعود قلبه للعمل
ومر ت الآن 3 أشهر ونصف و الطفل في الإنعاش لا يتحرك
ثم ما أن بدأ بالحركة وإذا به يصاب بخراج ٍ وصديدغريب عظيم في رأسه
لم أر مثله

فقلنا للأم : بأن ولدك ميت لا محالة 
فإن كان قد نجا من توقف قلبه المتكرر ، فلن ينجو من هذا الخراج
فقالت الحمد لله ، ثم تركتني و ذهبت 
بعد ذلك قمنا بتحويل الحالة فورا إلى جراحي المخ و الأعصاب 
وتولوا معالجة الصبي 
ثم بعد ثلاثة أسابيع بفضل الله شفي الطفل من هذا الخراج ، لكنه لا يتحرك 
وبعد أسبوعين 
يصاب بتسمم عجيب في الدم وتصل حرارته إلى 41,2 درجة مئوية 
فقلت للأم : إن دماغ ابنك في خطر شديد ، لا أمل في نجاته 
فقالت بصبر و يقين الحمد لله ، اللهم إن كان في شفائه خيرا ً فاشفه
بعد أن أخبرت أم هذا الطفل بحالة ولدها الذي كان يرقد على السرير رقم 5 
ذهبت للمريض على السرير رقم 6 لمعاينته 

وإذا بأم هذا المريض تبكي وتصيح وتقول :
يا دكتور يا دكتور الحقني يا دكتور حرارة الولد 37,6 درجة راح يموت 

فقلت لها متعجبا ً :
شوفي أم هذا الطفل الراقد على السرير رقم 5 حرارة ولدها 41 درجة وزيادة
وهي صابرة و تحمد الله ، فقالت أم المريض صاحب السرير رقم 6 

عن أم هذا الطفل : 
(هذه المرأة مو صاحية ولا واعية ) ، فتذكرت حديث المصطفى 
صلى الله عليه وسلم
الجميل العظيم ( طوبى للغرباء ) مجرد كلمتين ، لكنهما كلمتان تهزان أمة 
لم أرى في حياتي طوال عملي لمدة 23 سنة في المستشفيات 
مثل هذه الأخت الصابرة
بعد ذلك بفترة توقفت الكلى 
فقلنا لأم الطفل : لا أمل هذه المرة ، لن ينجو 
فقالت بصبر وتوكل على الله تعالى الحمد لله ، وتركتني ككل مرة وذهبت 
دخلنا الآن في الأسبوع الأ خير من الشهر الرابع 
وقد شفي الولد بحمد الله من التسمم 
ثم ما أن دخلنا الشهر الخامس
إلا ويصاب الطفل بمرض عجيب لم أره في حياتي
التهاب شديد في الغشاء البلوري حول الصدر 
وقد شمل عظام الصدر و كل المناطق حولها 
مما اضطرني إلى أن أفتح صدره واضطرُ أن أجعل القلب مكشوفا 
بحيث إذا بدلنا الغيارات ترى القلب ينبض أمامك
عندما وصلت حالة الطفل لهذه المرحلة ، قلت للأم : 
خلاص هذا لايمكن علاجه بالمرة لا أمل لقد تفاقم وضعه ، فقالت الحمد لله 
مضى الآن علينا ستة أشهر و نصف وخرج الطفل من الإنعاش 

لا يتكلم لا يرى لا يسمع لا يتحرك لا يضحك 
و صدره مفتوح ويمكن أن ترى قلبه ينبض أمامك 
والأم هي التي تساعد في تبديل الغيارات صابرة ومحتسبة
هل تعلمون ما حدث بعد ذلك ؟ 
وقبل أن أخبركم ، ما تتوقعون من نجاة طفل 
مر بكل هذه المخاطر والآلام والأمراض ؟
وماذا تتوقعون من هذه الأم الصابرة أن تفعل وولدها أمامها عل شفير القبر
و لا تملك من أمرها الا الدعاء والتضرع لله تعالى 
هل تعلمون ما حدث بعد شهرين ونصف للطفل 
الذي يمكن أن ترى قلبه ينبض أمامك ؟ 
لقد شفي الصبي تماما برحمة الله عزوجل جزاء ً لهذه الأم الصالحة 
وهو الآن يسابق أمه على رجليه كأن شيئا ً لم يصبه 
وقد عاد كما كان صحيحا معافى ً 
لم تنته القصة بعد ، ما أبكاني ليس هذا ، ما أبكاني هو القادم :
بعد خروج الطفل من المستشفى بسنة و نصف 
يخبرني أحد الإخوة في قسم العملياتبأن رجلا ً وزوجته ومعهم ولدين 
يريدون رؤيتك ، فقلت من هم ؟ فقال بأنه لا يعرفهم 
فذهبت لرؤيتهم وإذا بهم والد ووالدة الطفل الذي أجريت له العمليات السابقة 
عمره الآن 5 سنوات مثل الوردة في صحة وعافية كأن لم يكن به شيء 
ومعهم أيضا مولود عمره 4أشهر 
فرحبت بهم وسألت الأب ممازحا ًعن هذا المولود الجديد الذي تحمله أمه 
هل هو رقم 13 أو 14 من الأولاد ؟ 
فنظر إلي بابتسامة عجيبة ( كأنه يقول لي : والله يا دكتور إنك مسكين ) 
ثم قال لي بعد هذه الابتسامة : إن هذا هو الولد الثاني 
وأن الولد الأول الذي أجريت له العمليات السابقة 
هو أول ولد يأتينا بعد 17 عاما من العقم 
وبعد أن رزقنا به ، أصيب بهذه الأمراض التي تعرفها 
لم أتمالك نفسي وامتلأت عيوني بالدموع وسحبت الرجل لا إراديا ً من يده 
ثم أدخلته في غرفة عندي وسألته عن زوجته ، قلت له من هي زوجتك 
هذه التي تصبر كل هذا الصبر على طفلها الذي أتاها بعد 17 عاما من العقم ؟ 
لا بد أن قلبها ليس بورا ً بل هو خصبٌُُُ بالإيمان بالله تعالى 

هل تعلمون ماذا قال ؟ 
أنصتوا معي يا أخواني و يا أخواتي وخاصة يا أيها الأخوات الفاضلات
فيكفيكن فخرا ً في هذا الزمان أن تكون هذه المسلمة من بني جلدتكن 

لقد قال : 

أنا متزوج من هذه المرأة منذ 19 عاما 
وطوال هذه المدة لم تترك قيام الليل إلا بعذر شرعي 
وما شهدت عليها غيبة ولا نميمة ولا كذب
واذا خرجتُ من المنزل أو رجعتُ إليه تفتح لي الباب وتدعو لي 
وتستقبلني وترحب بي وتقوم بأعمالها بكل حب ورعاية وأخلاق وحنان 
ويكمل الرجل حديثه ويقول : يا دكتور لا استطيع بكل هذه الأخلاق و الحنان 
الذي تعاملني به زوجتي أن أفتح عيني فيها حياءً منها وخجلا ً 
فقلت له : ومثلها يستحق ذلك بالفعل منك 
انتهى كلام الدكتورخالد الجبير حفظه الله 

يقول الله تعالى : 
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ 
وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) 
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156)
أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)
سورة البقرة


قصة واقعية اخرى عن حسن الظن بالله


حدثت لأخ لنا في الله أعرفه معرفة شخصية وأحب أولا أن أقول لكم أن هذا الشخص هو شخص عادي جدا يؤدي فرائض ربه كملايين المسلمين في العالم وليس في عبادته مايميزه عن غيره بل قد أراه مقصرا في بعض الأمور غير أني ألاحظ دائما أنه يحسن الظن بالله وحتى لا أطيل عليكم سأبدأ في سرد قصته:

سأبدأ قصته :-   من بدأ معرفتي به في محل العمل فهو كما قلت يؤدي فرائض ربه كغيره من ملايين المسلمين ومن ضمن هذه الفرائض إتقان ما يكلف به من أعمال بصرف النظر عن ضعف الراتب وكان دائما يقول أن إتقان العمل جزء من الوفاء بالعهد وأن المسلمين عند شروطهم. وقد كان صديقي هذا غير متزوج في هذا الوقت فهو من أسرة متوسطة كملايين الأسر المصرية التي تكد وتتعب لتعليم وتربية أولادها ولكنها لاتملك فضل مال لمساعدة الأبناء على أعباء الزواج غير أننا فوجئنا به في يوم يزف إلينا خبر زواجه ولما لاحظ علامات الدهشة والإستغراب على وجوهنا بادرنا قائلا إنه قد إستدان ثمن الشبكة وأنه سيرد هذا الدين قريبا بإذن الله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ثلاثة حق على الله عونهم الناكح الذي يريد العفاف والمكاتب الذي يريدالأداء - أي العبد الذي يريد أن يحرر رقبته ببذل مقدار من المال يكاتب عليه سيده - والغازي في سبيل الله" ثم قال فأنا إثنين من هؤلاء ثم أردف ضاحكا إن لم أكن الثلاثة معا وقد صدق حسن ظن صديقي بالله عز وجل فلم يمر وقت طويل حتى أكرمه الله ببعثة إلي الخارج إستطاع من خلالها توفير مصاريف الزواج وأكرمه الله بإتمام الزواج وأكرمه الله بزوجة صالحة مؤمنة كانت تعمل مدرسة وتساعده في مصاريف البيت ولكنها في أحد الأيام جاءت إلى صديقى وقالت له إنها تريد لبس النقاب إمتثالا لأوامر الله تعالى فرحب بذلك وشجعها على ذلك غير أنها بدأت تقابل الكثير من الصعاب في محل عملها خاصة وأن النقاب لم يكن منتشرا في مصر في هذه الأيام وقد كثرت شكواها إليه من مشاكل العمل وأنها تريد ترك العمل ورغم ضآلة راتبه فقد قال لها رزقي ورزقك على الله ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه وقد صدق حسن ظن صديقي بالله عز وجل مرة ثانية فلم يمر وقت طويل حتى أكرمه الله بترقية في عمله وفرت لهما أكثر مما كان يدر عليهم راتب الزوجة وقد عاشا سويا في فضل من الله ونعمة.

غير أن صديقي كان مشغول دائما بتأخر إنجاب زوجته فقد مرت السنون ولم يكرمه الله بالإنجاب على الرغم من إستنفاذهما جميع السبل الطبية المتاحة وكثرة ترددهم على الأطباء غير أن الله لحكمة يعلمها سبحانه لم يقدر لهما إنجاب الذرية رغم شوقه و تعلق قلبه بالذرية حتى أن زوجته الصالحة المؤمنة المحتسبة طلبت منه الزواج بأخرى غير أنه رفض قائلا إن خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة وقد أكرمه الله بها وسلم أمره لله قائلا إذا لم يقدر الله لي أن يكون لي طفل من صلبي فليكن جميع أيتام المسلمين أبنائي وقرر إستقطاع جزء ثابت من راتبه الشهري لأحد دور الأيتام ومرت السنون بصديقي وزوجته وبعد سبع سنوات فوجئ بزوجته تخبره والفرحة لاتسعها أنها حامل ولم يصدق صديقي أذنيه وخر ساجدا لله ثم أسرع بزوجته للطبيبة والتي أكدت له الخبر.
ولم أرى صديقي أحسن منه حالا في هذه الأيام فقد كانت قسمات وجهه تنطق بالسعادة متمنيا أن يطوى الزمان ليستقبل طفله بين يديه, وبعد خمسة أشهر من الحمل ذهب بزوجته للطبيبة لمتابعة الحمل ولكن الطبيبة أرتسم على وجهها علامة غريبة أثارت شكوكه فسألها ماالخبر وكان نبأ نزل على صديقي وزوجته كالصاعقة إن الجنين غير مكتمل النمو وأنه بعد تسعة أشهر سيولد هذا الطفل ميتا ولم يصدق صديقي أذنيه وذهب بزوجته إلى أكثر من طبيب ولكنهم جميعا أكدوا له صحة التشخيص وأسقط في يد الرجل ولم يدري ما يفعل هل يكمل الحمل على ما فيه من الم بدني ونفسي له ولزوجته أم يسقطه كما أشار عليه بعض الأطباء غير أنه ترك أمره لله وذهب للجنة الفتوى في الأزهر ليسأل عن حكم الشرع في هذه الحالة والتي أجابته بأنه لايجوز لهما إنزال الجنين رغم تأكيد الأطباء بعدم جدوى الأستمرار وقد إمتثل صديقي لأوامر الله محتسبا صبره لله قائلا لله الأمر من قبل ومن بعد اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها.
ومرت الأيام بصديقي وزوجته طويلة طويلة كأنها لاتمر وفي الوقت المحدد ذهبا للطبيب الذي أخبرهما أن هذه الحالة لا تصلح معها الولادة الطبيعية وأنه لابد من إجراء جراحة قيصرية لإخراج الجنين فسلما أمرهما لله ووافقا على ذلك وبعد ساعة خرج الطبيب من 

غرفة العمليات معلنا انتهاء المهمة

دخل صديقي إلى زوجته وقبل جبهتها مهنئا على سلامتها ثم عمد إلي طفله الذي ولد ميتا فقبله ثم غسله وكفنه وأطلق عليه إسم محمد ثم صلى عليه وحمله بين ذراعيه وذهب لدفنه ودموعه تسيل على خديه ولسانه لايفتر من قول "لله الأمر من قبل ومن بعد اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها اللهم اكتب لي بها أجر الصابرين"
وقد صدق حسن ظن صديقي بالله عز وجل مرة أخرى فلم يمر شهر واحد على هذا الحدث حتى أكرمه الله مرة أخرى بحمل زوجته وبعد تسعة أشهر وفي آخر شهر رمضان وفي ليلة عيد الفطر أكرمه الله بحمل أول أطفاله بين يديه
ومازلت أري صديقى دائم حسن الظن بالله ودائما ما أري فضل الله وكرمه عليه.




وقبل أن أختتم حديثي إليكم لنتذكر معا بعض أهم الأشياء التي يجب أن يحسن الإنسان المسلم الظن بالله فيها:


أول هذه الأشياء حسن الظن بأن التوبة قُبلت، فإذا أذنب الإنسان وتاب، فعليه ألاّ يتشكك في أن الله قبِل توبته ما دام صادقا ومادام وفّى بشروط قبول التوبة من استغفار وندم وعزم على عدم العودة للذنب مرة أخرى.. وليتذكر قوله تعالى: "وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى".. وإياك وأن تظن بالله ظن السوء، فالله يقول لنا في حديثه القدسي: "عبدي، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي. عبدي، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي". أي كأنك لم تفعل شيئا.
تعاظمنــي ذنبــي فلمـا قرنتــه
بعفـوك ربـي كان عفوك أعظمـا

فعفو الله أوسع وأعظم من أي ذنب يأتيه إنسان تائب.. فلنحسن الظن بالله وأنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن كثير.

ثاني هذه الأشياء حسن الظن وأنتم تدعون الله، لأن الله يقول: "ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ".. ولا بد أن ندعوه ونحن موقنون بالإجابة، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله حليم كريم يستحي أن يرفع العبد يديه فيردهما صفراً خائبتين
".

وثالثها حسن الظن عند التضحية فأغلب المعاصي تأتي من خوف ترك الأشياء فلا يعوضنا الله عنها.. فكيف نترك في الله ولا يعطينا الله وهو الواسع الغني الذي قال: 

"وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ".

حتى لحظة الموت لابد أن يحسن العبد الظن بالله، نعم ليُحسِن العبد الظن بالله لحظة خروج الروح. فالله يطمئن عباده ويقول: "يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ"، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله".

وأختتم حديثي إليكم بذكر حال أحد الصالحين لحظة موته عندما أتاه الطبيب فأخبره أنه لا أمل في شفائه وأنه يحتضر فقال له:

"إذن ليس لي إلا أن أذهب لربي، والحمد لله أني ذاهب لمن لم أرَ خيرًا إلا في يديه"..


ضع تعليق