Snippet

رسالة مانديلا الى المصريين اقامة العد اصعب من ازالة الظلم



مانديلا لثوار مصر: إقامة العدل أصعب من هدم الظلم

سبعة وعشرون سنة قضاها في الحبس، وقبل أن يتنسم هواء الحُرية قال: إذا خرجت من السجن في نفس الظروف التي اعتقلت فيها فإنني سأقوم بنفس المُمارسات التي سُجنت من أجلها.. إنها إرادة رجُل أفني حياته
في مُكافحة التمييز العُنصري.. وحكمة ثائر لم يُسقط من ذاكرته مُعاناة شعبه مُعبراً عن ضمير الأمة بقوله: العظمة في هذه الحياة ليست في التعثر، ولكن في القيام بعد كل مرة نتعثر فيها.. لم يعرف «نيلسون مانديلا» الاستسلام للقهر، تمسك بحق شعبه في حُريته مُتحدثاً لكل شعوب الأرض، يدعوهم للتمسُك بعزيمة النضال من أجل الحُرية، التي وصفها قائلاً: الحُرية لا يُمكن أن تُعطي علي جرعات، فالمرء إما أن يكون حُرّاً أو لا يكون حُرّاً.. وفي تحريضه علي الكفاح والحث علي استمرارية النضال كانت واحدة من أقواله المأثورة وقوداً للثورة علي القهر والظلم، فعبر عنها بصوته: إن الانسان الحُر كُلما صعد جبلاً عظيماً وجد وراءه جبالاً أخري يصعدها.. ووضع نصب عينه دائماً ان الحركة الثورية لا يجب ان تكون بمعزل عن ماضي وذاكرة الشعوب، فقال: إن التسامح الحق لا يستلزم نسيان الماضي بالكامل.. لم يعرف في شبابه ولا كهولته إلا الصمود والحراك الدؤوب، فجعل من كلماته الثورية فلسفة لاستمرار التطلع للتقدم نحو الأفضل، حيث تحدث عن نفسه يُردد: إني أتجول بين عالمين، أحدهما ميت والآخر عاجز أن يولد، وليس هناك مكان حتي الآن أريح عليه رأسي.
إنه «نيلسون مانديلا» الذي اعتقل في فبراير 1962 وحُكم عليه لمدة 5 سنوات، وكانت تهمته تدبير الاضرابات والمظاهرات الاحتجاجية ضد سياسة التمييز العُنصري في جنوب أفريقيا، وفي عام 1964 حُكم عليه بالسجن مدي الحياة بتُهمة التخطيط لعمل مُسلح والخيانة العُظمي، وبقي يُناضل من داخل السجن، فبعد مرور 21 عاماً عُرض علي مانديلا صفقة لإطلاق سراحه في مُقابل إعلان وقف المُقاومة المُسلحة، لكنه رفض العرض وظل في محبسه حتي 11 فبراير 1990، إلي أن نجحت الضغوط الدولية في الإفراج عنه بأمر من «فريدريك ويليام دي كليرك» رئيس جمهورية جنوب أفريقيا آنذاك، وقد حصل مانديلا مع دي كليرك في عام 1993 علي جائزة نوبل للسلام، فقد كان يدعو دائماً لمقاومة العُنف ومواجهة المصائب بالسلام، مُعتبراً ان المهاتما غاندي المصدر الأكبر لإلهامه في حياته وفلسفته.
يصف «نيلسون مانديلا» لحظات خروجه من السجن في مذكراته «رحلتي الطويلة نحو الحُرية» بقوله: «رغم أني كنت أبلغ من العمر 71 عاما وقت خروجي من السجن  فإني شعرت بأني ولدت من جديد».
كانت مشاعر الغضب من منهج الأقلية البيضاء في ظلمهم للأغلبية السوداء هي الباعث الأول الذي حرك لدي «نيسلون مانديلا» مُعارضته السياسية لنظام الحُكم في جنوب أفريقيا، فلم يستطع الصمت حيال إنكار البيض للحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للسود، فانضم عام 1942 للمجلس الأفريقي القومي، الذي كان يدافع عن حقوق الأغلبية السوداء في جنوب السنغال، وبعد مرور 6 أعوام فاز الحزب القومي في الانتخابات العامة، وهو الحزب الذي يتبني سياسة التمييز العنصري وسن تشريعات تقنن الفصل بين البيض والسود في جنوب افريقيا، حينئذ ارتفع صوت مانديلا جلياً معلناً مُعارضته لكافة أشكال العُنصرية، وظل يكافح بالطرق السلمية إلي عام 1960، إلي أن أطلقت قوات الشرطة النيران الحية علي المُتظاهرين، فما كان من مانديلا إلا إقرار المقاومة المُسلحة ضد النظام العُنصري.
وبعد ذلك بعام واحد أصبح مانديلا رئيساً للجناح العسكري للمجلس الأفريقي القومي، وأدرك النظام العنصري في حينه أنه خلال سنة واحدة أصبح يشكل خطراً علي النظام، فما كان منه إلا أن اعتقله في فبراير 1962 وصدر عليه حُكم بالسجن مدة 5 سنوات، وتلي ذلك حُكم آخر بالسجن مدي الحياة في عام 1964 بتُهمة الخيانة العظمي والتخطيط لعمل مسلح، وبقي في السجن مدة 28 سنة يناضل في زنزانته بـ «جزيرة روبن آيلاند» ولم يقدم تنازلاً واحداً، وظل علي مبادئة ثابتاً حتي تحولت المطالب بإخراجه من سجنه أحد أهم رموز رفض سياسة «الآبارتهيد» العنصرية، وأصبحت رسالته التي أطلقها من محبسه تؤرق النظام السياسي في بلاده، ففي العاشر من يونيو عام 1980 تمكن مانديلا من إرسالها للمجلس الأفريقي القومي بعنوان «اتحدوا.. وجهزوا.. وحاربوا.. إذ ما بين سندان التحرك الشعبي، ومطرقة المقاومة المُسلحة، سنسحق الفصل العُنصري».

اقوال مأثورة لنيلسون مانديلا

التسامح الحق لا يستلزم نسيان الماضي بالكامل.
  العظمة في هذه الحياة ليست في التعثر، ولكن في القيام بعد كل مرة نتعثر فيها.
إن الانسان الحر كلما صعد جبلا عظيماً وجد وراءه جبالا أخرى يصعدها.
إن الانسان الحر كلما صعد جبلا عظيماً وجد وراءه جبالا أخرى يصعدها. 

يُلقب «نيلسون مانديلا» بأيقونة الكفاح ضد العُنصرية، لنضاله ضد عمليات الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وله مواقف ثورية داخل وخارج بلاده، حيث شغلته دائماً قضايا حُريات الشعوب، ولم تكن دول الربيع العربي بمنأي عن اهتماماته، خاصة مصر

رسالة مانديلا الى الشعب المصرى والتى ارسلها فى يوليو الماضى


جاء في رسالته إلي ثوار مصر: تقديم اعتذاره إذا كان قد سمح لنفسه الخوض في شئون غير شئونه، لكنه رأي أن واجبه تقديم النصح للثوار، مُعتبراً أنه يرد الجميل للمساندة التي وجدها من الشعب المصري في محنته إبان فترة سجنه، ويُخاطب ثوار مصر بكلمة «أحبتي»، ليصف الشعب المصري أنه خرج من سجنه الكبير، ويتساءل بحكمة، فيقول: كيف سنتعامل مع إرث الظلم لنقيم محله العدل؟ ومن يُدقق النظر يجد مانديلا يستخدم ضمير المُخاطب الجماعي مُعتبرا نفسه واحداً من المصريين بقوله كيف «سنتعامل» ويضيف بأن إجابة السؤال ستحدد طبيعة الاتجاه الذي ستنتهي إليه الثورات، ويضيف: إن إقامة العدل أصعب بكثير من هدم الظلم، وكأن الثائر «مانديلا» يعيش بين شعب مصر الآن، ويستطرد بقوله: إن الهدم فعل سلبي والبناء فعل إيجابي، ناصحا ثوار مصر التحلي بالخلق وعدم تضييع الوقت، ولا ينفي تفهمه لحالة الأسي التي تعتصر قلوب الشعوب التي عانت من مرارة الظلم.
بسبب متاعبه ابتعد «مانديلا» عن الإعلام والسياسة، ليعيش في هدوء، وبدأ المرض يدخل إلي جسده بين حين وآخر، وفي الأيام القليلة الأخيرة اشتدت به الآلام، وتم نقل الرجل الذي يبلغ من العمر 93 عاماً إلي المستشفي، وليس من المعروف فترة الوقت الذي ستستغرقه مدة علاجه، أم سيقول القدر كلمته الفاصلة وينتقل مانديلا إلي صفحة بيضاء في ذاكرة التاريخ؟

منقول من جريدة الوفد

ضع تعليق